أقول: الروايات الواردة في هذا المقام كثيرة جدا، وكلها ظاهرة في وجوب الوفاء بالوعد وحرمة مخالفته، ولم نجد منها ما يكون ظاهرا في الاستحباب، ولكن خلف الوعد حيث كان يعم به البلوى لجميع الطبقات في جميع الأزمان فلو كان حراما لاشتهر بين الفقهاء كاشتهار سائر المحرمات بينهم.
مع ما عرفت من كثرة الروايات في ذلك وكونها بمرأى منهم ومسمع، ومع ذلك كله فقد أفتوا باستحباب الوفاء به وكراهة مخالفته حتى المحدثين منهم، كصاحبي الوسائل والمستدرك وغيرهما مع جمودهم على ظهور الروايات (1)، وذلك يدلنا على أنهم اطلعوا في هذه الروايات على قرينة الاستحباب فأعرضوا عن ظاهرها.
ولكنا قد حققنا في علم الأصول أن اعراض المشهور عن العمل بالرواية الصحيحة لا يوجب وهنها، كما أن عملهم بالرواية الضعيفة لا يوجب اعتبارها إلا إذا رجع اعراضهم إلى تضعيف الرواية ورجوع عملهم إلى توثيقها.
وإذن فلا وجه لرفع اليد عن ظهور الروايات المذكورة على كثرتها وحملها على الاستحباب.