وإن شئت قلت: المحرم إنما هو ايجاد الكلام الكاذب لا ايجاد صفة الكذب في كلام سابق.
ونظير ذلك ما حققناه في كتاب الصلاة في البحث عن معنى الزيادة في المكتوبة، وقلنا: إن المراد بها هو الزيادة الابتدائية، أي الشئ الذي لا يطابق المأمور به حين صدوره من الفاعل، بحيث إذا وجد لم يوجد إلا بعنوان الزيادة، وعليه فإذا أوجد المصلي شيئا في صلاته بعنوان الجزئية أو الشرطية ثم بدا له ما أخرجه عن عنوانه الأولي وألحقه بالزيادة لم يكن محكوما بحكم الزيادة في الفريضة، فلا تشمله قوله (عليه السلام): من زاد في صلاته فعليه الإعادة (1).
وكذلك في المقام، فإن ما دل على حرمة الكذب مختص بالكذب الابتدائي الفعلي المعنون بعنوان الكذب حين صدوره من المتكلم، أما إذا وجد كلام في الخارج وهو غير متصف بالكذب ولكن عرض له ما ألحقه بالكذب بعد ذلك فلا يكون حراما، لانصراف ما دل على حرمة الكذب عنه وإن صدق عليه مفهوم الكذب حقيقة من حيث مخالفة المتكلم لوعده وعدم جريه على وفق عهده، ولذا يطلق عليه وعد كاذب ووعد مكذوب، كما يطلق على الوفاء به وعد صادق ووعد غير مكذوب.
وقد استدل على حرمة مخالفة الوعد على وجه الاطلاق بالأخبار الكثيرة (2) الدالة على وجوب الوفاء به.