وأما المرتد الفطري، ففي التذكرة: المرتد إن كان عن فطرة ففي صحة بيعه نظر، ينشأ من تضاد الحكمين ومن بقاء الملك فإن كسبه لمولاه، ومراده أن الحكم بالقتل والحكم بوجوب الوفاء بالعقد متضادان (1).
والتحقيق أن ما يظهر من مطاوي كلمات الأصحاب تصريحا أو تلويحا في منشأ الاشكال هنا وجهان: الأول من جهة نجاسته، والثاني من جهة عدم صدق المال عليه.
أما الوجه الأول، فهو يظهر من بعض الأساطين في شرحه على القواعد (2)، حيث بني جواز بيع المرتد على قبول توبته، بل بني جواز بيع مطلق الكافر على قبوله للطهر بالاسلام.
وفيه مضافا إلى منع مانعية النجاسة عن البيع، أنه لو كان جواز بيعه مبنيا علي زوال نجاسته بالتوبة لما كان فرق بين أقسام الكفار في ذلك، سواء كان كفرهم أصليا أم عرضيا، وسواء كان عروضه بالارتداد عن الملة أم عن الفطرة، وسواء تقبل توبتهم أم لم تقبل.
وذلك لما عرفت في بيع المتنجس أن فعلية الحكم إنما هي بفعلية موضوعه، فإذا قلنا بمانعية النجاسة عن البيع كانت مانعة عنه بوجودها الفعلي، سواء كانت قابلة للزوال أم لا، كيف فإنه بعد صيرورة الموضوع فعليا من جميع الجهات فتلك القابلية لا تؤثر في انفكاك الحكم عنه.
على أن امكان طهره بالتوبة لا يستلزم تحقق الطهارة، لاحتمال أن لا يتوب ولا يخرج الامكان الاستقبالي من القابلية إلى الفعلية، إذن فلا تمنع النجاسة عن بيع العبد إذا ارتد عن الفطرة.