الأصول، فإن المجعول الشرعي في باب الطرق إنما هو الثبوت الواقعي المحكي بالطريق، ولذا كان مثبتاتها حجة، وأما المجعول في باب الأصول على اختلاف أنحائها إنما هو الجري العملي والبناء على مؤدياتها من حيث العمل، كما حقق في محله، فلا بد حينئذ من ترتب أثر عملي على نفس مؤدى الأصول إذا لم يكن المؤدى هو بنفسه أثرا عمليا، كما إذا كان المؤدى حكما شرعيا، إذ بعد ما كان المجعول هو الجري العملي فلا بد من أن يكون مؤدى الأصل مما له جري عملي يكون بنفسه مما تناله يد الجعل، ولذا كان مثبتاتها غير حجة.
ثم إنه لا فرق في تحقق الأثر العملي بين أن يكون الأصل جاريا في وادي الثبوت ومرحلة توجه التكليف، أو جاريا في وادي السقوط ومرحلة امتثال التكليف، إذ بعد ما كان وادي السقوط والامتثال كوادي الثبوت وتوجه التكليف أما قابلا للجعل الشرعي وتصرف ظاهري والحكم بتحقق الفراغ، فلا فرق حينئذ بين كون مؤدى الأصل راجعا إلى مرحلة الثبوت، أو إلى مرحلة السقوط والفراغ كما هو واضح.
وكذلك لا فرق في تحقق الأثر العملي المحتاج إليه في جريان الأصل، بين أن يكون مؤدى الأصل تمام الموضوع لذلك الأثر، أو كان جزء الموضوع وبه قوامه ولو على نحو القيدية، إذ يكفي في تحقق الأثر هذا المقدار أي ولو بأن يكون جزء لما هو موضوع الأثر أو قيده، بحيث لو لم يجر الأصل لما كان الأثر مترتبا، وإن كان جزؤه الآخر محرزا بالوجدان. والحاصل: أنه يكفي في جريان الأصل كون مؤداه مما له دخل في تحقق الأثر، سواء كان تمام الموضوع أو جزءه، وهذا أيضا مما لا سترة فيه.
نعم ينبغي تعيين ما هو الضابط الكلي لمعرفة أن في أي مورد يكون مؤدى الأصل جزء ما هو الموضوع أو قيده وما لا يكون كذلك، فإنه ربما يشتبه الحال في