بقي احتمالات آخران: (أحدهما) أن يكون المطلوب من النهي هو ترك الصلاة في أفراد ما لا يؤكل على نحو العام المجموعي، بحيث يكون هناك مطلوب واحد وقيد فأرد للصلاة، وهو عدم وقوعها في مجموع أفراد ما لا يؤكل من حيث المجموع على نحو السلب الكلي، نظير من نذر ترك أفراد شرب الدخان.
(ثانيهما) أن يكون المطلوب من النهي هو ترك الصلاة في كل فرد فرد من أفراد ما لا يؤكل على نحو العموم انحلالي، بحيث يكون كل فرد من أفراد ما لا يؤكل متعلقا للنهي الغيري استقلالا، ويكون عدم كل فرد فرد قيدا للصلاة، فتتعدد القيدية حسب تعدد الأفراد.
وقد تقدم في النواهي الاستقلالية أن الأصل فيها الانحلالية، والظاهر من مثل قوله " لا تشرب الخمر " هو انحلال الخطاب بالنسبة إلى كل فرد فرد من أفراد الخمر، بحيث يكون لكل فرد خطاب يخصه، فهل الأمر في النواهي الغيرية أيضا كذلك، أو أن الأصل فيها أن يكون النهي على نحو العام المجموعي؟
ربما يتوهم أن المطلوب فيما نحن فيه لا بد وأن يكون على نحو السلب الكلي لا العام الانحلالي، وذلك لأنه لا إشكال في عدم حصول قيد الصلاة، وما هو المطلوب من النهي عن الصلاة فيما لا يؤكل، إلا ترك الصلاة في مجموع أفراد ما لا يؤكل، فامتثال النهي عن الصلاة فيما لا يؤكل لا يتحقق إلا بالتحرز والتجنب عن جميع أفراد ما لا يؤكل، وهذا كما ترى لا يستقيم إلا بأن يكون المطلوب فيما نحن فيه هو السلب الكلي لا الانحلالي.
وأيضا لا إشكال في أنه لو صلى في أحد أفراد ما لا يؤكل لا تكون سائر الأفراد مانعة، لأن المسبوق بمثله لا يؤثر، وهذا يكشف عن بطلان الانحلالية، لأنه لو كان المطلوب بالنهي هو الانحلالية لكان اللازم اتصاف كل فرد فرد من أفراد غير المأكول بالمانعية، كاتصاف كل فرد فرد من أفراد الخمر بالحرمة، هذا.