عن أن القيد إنما أخذ على نحو السلب الكلي، حيث جواز لبس سائر الأفراد الغير المضطر إليها ينافي الانحلالية، وأن كل فرد من أفراد غير المأكول مانع مستقل وتعلق النهي الغيري به بحياله.
إلا أن الشأن في جواز ذلك، فإن الظاهر تسالم الفقهاء على ما حكي أنه لا بد من الاقتصار على المضطر إليه ولا يجوز لبس الزائد، وهذا التسالم يكشف عن الانحلالية لا السلب الكلي، كما لا يخفى وجهه.
فظهر أن ما تخيل وجها لأن يكون النهي في مثل " لا تصل فيما لا يؤكل " على نحو السلب الكي ليس بجيد، والأقوى أن النهي فيما نحن فيه إنما يكون على نحو الانحلالية، وأن كل فرد من أفراد غير المأكول يكون مانعا بحياله وتعلق به النهي الغيري مستقلا.
وعليه تندرج الشبهة في مجاري البراءة، فإذا شك في شئ أنه من غير المأكول من جهة الشبهة المصداقية يكون الشك شكا في التكليف، ويكون من باب دوران المتعلق بين الأقل والأكثر، بداهة أن الانحلالية توجب تعدد القيد والنهي حسب ما يوجد من أفراد غير المأكول في الخارج، فالشك في فرد يوجب الشك في النهي والتقيد زائدا عما علم من الأفراد المعلومة.
ثم على تقدير التنزل وتسليم كون النهي على نحو السلب الكلي لا الانحلالي، فالشبهة أيضا مندرجة في مجاري البراءة، ضرورة أنه بناء على السلب الكلي وإن كان النهي واحدا والقيد فاردا، إلا أنه لا إشكال في اتساع دائرة متعلق النهي والقيد حسب سعة ما يوجد من أفراد غير المأكول، وأن كل ما يوجد في الخارج من أفراده يوجب زيادة المتعلق وتوسعة في ناحية القيد، وهذا المقدار يكفي في اندراج الشبهة في مجاري البراءة، كما عرفت وجهه في التكاليف الاستقلالية، بداهة أنه بناء على هذا أيضا يرجع الشك فيه إلى الشك في التكليف لا الشك في الامتثال.