مما لا أثر له ولا إطاعة له ولا عصيان.
بل الإطاعة والعصيان والأثر إنما تترتب على عالم الجعل والتشريع الذي هو عالم التكليف، ومنشأ انتزاع المانعية والشرطية والجزئية في هذا العالم أي عالم الجعل إنما هو جعل الطبيعة وتقييدها وتخصيصها بأمر وجودي أو عدمي فمن تقيدها بأمر وجودي تنتزع عنه الجزئية والشرطية، ومن تقيدها بأمر عدمي تنتزع عنه المانعية، فلولا تقيد الماهية في عالم التشريع بعدم ذلك الذي فرض كونه مانعا عن تحقق المأمور به، لا يمكن بعد ذلك أن يصير شئ مانعا عنه، ولا يعقل جعله ثانيا إلا على طريق النسخ كما عرفت.
فتحصل: أن منشأ انتزاع المانعية للمأمور به ليس إلا تقيد المأمور به في عالم الجعل والتشريع بعدم الشئ، كما أن منشأ انتزاع المانعية في باب الوضع والأسباب ليس هو إلا عبارة عن تقيد المسبب الذي هو المجعول الشرعي في باب الأسباب، كالملكية والزوجية وأمثال ذلك بعد المانع، وهكذا الحال في موانع التكليف ليس المنشأ إلا عبارة عن اشتراط التكليف وتقيده بعدم المانع كما لا يخفي.
هذا كله بحسب عالم الثبوت.
وأما بحسب عالم الاثبات فالنواهي الغيرية الواردة دالة بمدلولها المطابقي على ذلك التقيد النفس الأمري، كما أن الأوامر الغيرية الواردة دالة بمدولها المطابقي على التقيد النفس الأمري أيضا، غايته أن النواهي تدل على التقيد بالعدم الذي هو مساوق لمانعية الشئ، والأوامر تدل على التقيد بالوجود الذي هو مساوق لجزئية الشئ أو شرطيته.
فمثل قوله " اركع أو اسجد أوصل مستقبلا " يدل على جزئية الركوع والسجود وشرطية الاستقبال، ويكشف عن تقيد الصلاة ثبوتا في مقام الجعل والتشريع بالركوع والسجود والاستقبال، ومثل قوله " لا تصل في الحرير " و " فيما