خبر أبي بصير: إن تكلمت أو صرفت وجهك عن القبلة فأعد (1). فإنها تعم صورة الالتفات على وجه الاستدبار أو دون ذلك إلى طرف المغرب والمشرق وما بينهما، هذا.
ولكن بعد ما كان الصلاة إلى ما بين المغرب والمشرق غير موجب للإعادة والقضاء، وكان الصلاة إلى نفس النقطتين غير موجب للقضاء فقط لكان اللازم هو عدم وجوب الإعادة والقضاء لو التفت إلى ما بين المغرب والمشرق نسيانا، لما عرفت من أن الصلاة إلى ما بينها يلازم الالتفات أيضا، فإذا لم تكن الصلاة إلى ذلك موجبة للإعادة والقضاء فالالتفات الخالي عن فعل الصلاة بطريق أولى يكون غير موجب لذلك، فلا يبقى في مطلقات باب الالتفات إلا صورة واحدة وهي صورة الاستدبار، فتكون نصا في بطلان الصلاة عند الالتفات إلى الاستدبار.
ولا يعارضه أخبار الباب الدالة على عدم وجوب القضاء عند الصلاة إلى غير القبلة، لأن شمول هذه الأخبار للاستدبار إنما يكون بالاطلاق والظهور، ومقتضى تحكيم النص على الظاهر هو حمل مطلقات الباب على غير صورة الاستدبار وهو ما إذا كانت الصلاة على نفس النقطتين، فصورة الاستدبار تكون خارجة عن تحت هذه المطلقات، وحينئذ يتم الاستدلال بأخبار باب الالتفات لما نحن فيه من بطلان الصلاة في صورة الاستدبار لبعض المقدمات السابقة، لأنه لو كان الالتفات إلى الاستدبار موجبا للبطلان فالصلاة إلى ذلك ولو في الأثناء أولى بالبطلان، ولو كان الصلاة في الأثناء إلى دبر القبلة موجبا للبطلان فالصلاة التامة الواقعة إلى دبر القبلة نسيانا أولى بالبطلان، وبعد ملاحظة المقدمات السابقة لا محيص عن القول بذلك.