ويمكن تقريب الاستدلال بوجه آخر، وهو أنه في أخبار باب الالتفات ما يكون أخص من مطلقات هذا الباب، وهو صحيح البزنطي: سألت الرضا عليه السلام عن الرجل يلتفت في صلاته هل يقطع ذلك صلاته؟ قال: إذا كانت الفريضة والتفت إلى خلفه فقد قطع صلاته، فيعيد ما صلى ولا يعتد به (1)، الخبر. وفي معناه رواية أخرى.
وجه كون ذلك أخص من مطلقات الباب واضح، فإن قوله عليه السلام " من صلى إلى غير القبلة يعيد في الوقت لا في خارجه " (2) يعم صورة الاستدبار وغيرها، وما في صحيح البزنطي في أخبار الالتفات مختص بصورة الاستدبار كما هو الظاهر من الخلف، فتكون النسبة بينهما أعم أخص مطلقا.
ولا يتوهم أن صحيح البزنطي أعم من جهة التذكر في الوقت وفي خارجه فتكون النسبة بينهما بالعموم من وجه. وذلك لأن الإعادة عند التذكر في الوقت مما اتفق عليه كلتا الطائفتين من أخبار الباب وصحيح البزنطي، فلا تعارض بينهما بالنسبة إلى ذلك، وإنما التعارض في صورة التذكر في خارج الوقت، فإن صحيح البزنطي يوجب القضاء عند الالتفات إلى خصوص الاستدبار، وأخبار الباب تنفي القضاء عند الاستدبار أيضا لكن بالعموم الشامل له ولغيره، فتكون النسبة أعم مطلقا لا من وجه.
وحينئذ لا بد من تقييد أخبار الباب بما في صحيح البزنطي، وخروج صورة الصلاة على وجه الاستدبار عن تحت قوله عليه السلام " من صلى إلى غير القبلة " وذلك بعد ما تقدم من أولوية بطلان الصلاة على وجه الاستدبار من البطلان عند