فإن قلت: أما قلتم إن العذر إذا استوعب تمام الوقت كان التكليف بالنسبة إلى الشرط المعذور فيه ساقطا وكان يجب عليه الصلاة فاقدة لذاك الشرط، فما الفرق بين ما نحن فيه وبين ذلك، فإن الوقت بالنسبة إلى من تحيض عقيب نصف من الزوال هو هذا المقدار من الزمان، والمفروض أن في هذا المقدار من الزمان غير متمكن من الشرائط، فهو كما إذا استوعب عذره تمام الوقت؟
قلت: ليس الأمر كذلك، فإن طروء الحيض لا يوجب تضييق في الوقت المضروب للصلاة، بل الوقت المضروب إنما هو باق على حاله، غاية الأمر أن الشخص غير متمكن من فعل الصلاة في وقتها من جهة عروض المسقط.
والحاصل: أنه فرق بين أن يستوعب العذر تمام الوقت المضروب للصلاة من الزوال إلى الغروب وبين أن يعرض المسقط في أثناء الوقت، فإن عروض المسقط لا يجعله آخر الوقت، فلا بد في القول بوجوب الأداء على مثل هذا الشخص من قيام دليل بالخصوص على تنزيل العذر في بعض الوقت بمنزلة العذر في تمام الوقت.
والقول بأن وقت هذا الشخص هذا المقدار من الزمان حتى يدخل في موضوع من استوعب عذره تمام الوقت خال عن الدليل، بل هو قياس محض، فتأمل فإنه بعد للتأمل فيه مجال.
ثم لا أقل من الشك في كون هذا المقدار من العذر المتعقب بالمسقط موجبا لسقوط التكليف عن الشرط فقط حتى يجب عليه الصلاة الفاقدة، كما إذا استوعب العذر إلى تمام الوقت، فأصالة البراءة محكمة، لأن انعدام المشروط عند انعدام شرطه مما لا يدخله ريب، والمفروض الشك في شمول تلك الأدلة الدالة على سقوط خصوص الشرائط بالنسبة إلى مثل من يعرض المسقط، إذ لا أقل من كون المتيقن منها هو ما إذا لم يكن الشخص في حد نفسه قادرا على الشرط في مجموع