تقييد الجاري بما يبلغ الكره كما لا يخفى على المنصف.
هذا، مضافا إلى شهادة الاعتبار بأن المعيار في عدم تأثير النجاسة في الماء هي غلبة الماء واستهلاكه لها، والنبع عن مادة لا دخل له في ذلك. لكن يوهن هذا الاعتبار ملاحظة حكم ماء المطر، فتأمل.
وأما ما ذكر (1) من الرجوع إلى عموم " خلق الله الماء طهورا لا ينجسه شئ " وأنه المرجع بعد التكافؤ (2) فهو مبني على عدم كون الانفعال من مقتضيات نفس الملاقاة وكون الجريان كالكرية عاصما مانعا من النجاسة.
لكن فيه تأمل، من ظهور قوله صلى الله عليه وآله وسلم: " خلق الله الماء طهورا لا ينجسه شئ إلا ما غير لونه... الخ " (3) في أن الماء بنفسه غير قابل للانفعال، خرج من ذلك الراكد حيث دلت أدلة الكرية على أن اعتصامه وعدم انفعاله لأجل كريته لا لنفسه، ومن ضعف الرواية، فيجب العمل بمقتضى أدله الكرية الظاهرة في كون الماء بنفسه قابلا للأفعال بالملاقاة إلا إذا كان كرا، فإن الكرية توجب عدمه.
ومنه يظهر عدم التكافؤ الموجب للرجوع إلى الأصل.
ثم إن الشهيد قدس سره. قال في الدروس: ولا يشترط فيه - أي في الجاري - الكرية على الأصح، نعم يشترط دوام النبع (4)، انتهى. ولم يتضح لمن تأخر عنه مقصوده من " دوام النبع " لأن ظاهره غير مراد قطع،