ثم إن في كيفية نجاسة مجموع الماء القليل - بل جميع المائعات - بملاقاة النجاسة بعضه بخلاف غيرها من الجوامد الرطبة وجوها:
أحدها: السراية من حيث الحكم، بأن يلاقي الجزء الأول للنجس فينجس، وينجس ملاقيه مما يليه، وهكذا؟ لأن كل جزء ملاق بالفعل لما يليه، فينجس جميع الأجزاء في زمان واحد، لحصول الملاقاة بينها قبل نجاسة شئ منها، ففي زمان الحكم بنجاسة الجزء الأول ينجس جميع ما عداه، لحصول الملاقاة بينه وبين الجزء الأول، فلا يتوقف الحكم بنجاسة كل جزء على أزيد من الحكم بنجاسة ما يلاقيه بينه وبين النجس.
ويبطل هذا الوجه - مضافا إلى النقض عليه بما أجمع على عدم السراية، كالثوب الرطب إذا لاقى جزء منه النجاسة، وكالدهن الجامد ونحوه مما لا تتعدى النجاسة إلى غير محلها، وكالعالي من الماء المطلق إذا تنجس السافل منه - أن ملاقاة كل جزء لما يليه ممنوعة، لاستحالة ذلك، فإن المتلاقي من الجزئين سطحاهما لا تمامهما، ومن المعلوم: عدم ملاقاة أحد السطحين الملاقي للنجس للسطح الآخر، فلا وجه لتنجسه حتى يتنجس به ما يلاقيه من سطح جزء آخر.
ودعوى: أن نجاسة السطح الملاقي عبارة عن نجاسة الأجزاء اللطيفة من الماء، لأن النجاسة تعرض المجسم لا العرض، ولا يفرض في نظر العرف لذلك الجزء سطحان حتى يختص بالتنجيس أحدهما - وإن أمكن ذلك واقعا بناء على بطلان الجزء الغير المتجزئ - رجوع إلى حكم العرف بتنجس الجسم وإن لم يلاق النجاسة إلا بعضه، ولا حاجة معه إلى دعوى السراية من