الكر المتخللة بين أجزاء الحبوب ليست بأشد اتصالا بالكر من الأجزاء المتخللة من الكر في الماء المتنجس، مع أن انفعال المطهر بالتطهير لا يمنع عن التطهير به، كما في الماء القليل الذي يقع على موضع في الثوب النجس ثم ينتقل منه إلى موضع آخر منه، فإن المعتبر الطهارة قبل التطهير، مع أن الماء سريع النفوذ في الماء، فيطهر الجزء النجس الملاقي له قبل التخلل بين أجزاء الكل.
وأما اختلاف الماء في السطح الواحد، فلم نجد دليلا شرعيا على امتناعه، والثابت من النص والاجماع امتناع اختلاف المائين مع شيوع أحدهما في الآخر وقد ذكر في شرح الروضة (1) وجوها أخر لرد القول بالامتزاج، لا يخفى ضعفها على ما ذكرناه في الجواب عن الوجه المذكور.
الأول: إن من لم يقل بالامتزاج بين معتبر لصدق الاتحاد العرفي على مجموع الطاهر والنجس - كما هو ظاهر الروضة (2) - وبين مكتف بمجرد الملاقاة كظاهر اللمعة (3) - ولازمه طهارة الكوز من الماء النجس يصب منه شئ في الكر، فضلا عن غمسه فيه، وليس بأبعد من التزام طهارة النجس الكثير بقطرة أو قطرات من المطر.
وقد يذكر هنا تفصيل بين الجاري وماء الحمام وبين غيرهما فيشترط الامتزاج في الأولين، ونسب إلى ظاهر المنتهى والنهاية والتحرير والموجز