نعم، جزم في الخلاف (1) وأول المبسوط (2) بطهارة ماء الغسلتين من الولوغ، إلا أنه رجع بعد ذلك إلى ما حكينا عنه من جعله النجاسة مطلقا أحوط، وأوضحنا أن مثل هذا فتوى، لا احتياط مستحب (3).
وأما العلامة قدس سره في المنتهى، فجعل محل الخلاف الغسلة التي يطهر المحل بعدها (4) وقد أشر حكاية هذا القول عن المرتضى (5) والحلي (6) قدس سرهما. وقد عرفت أنهما إن قالا بعدم انفعال الماء الوارد - ولو على النجاسة العينية الغير القابلة للطهارة - فالكلام معهما كالعماني مفروغ عنه في محله، وإن خصا بالوارد للتطهير فما ذكر السيد في دليل ذلك مختص بالغسلة الأخيرة فيما يحتاج إلى التعدد، لأنه قدس سره ذكر أنه لو حكمنا بنجاسة الماء الوارد لزم أن لا يطهر الثوب إلا بإيراد يمر عليه، وقرره الحلي على ذلك.
وحاصله: الاستدلال بثبوت الطهارة بإيراد القليل من غير حاجة إلى الكثيرة فدل على عدم انفعال الماء الوارد للإزالة. ومن المعلوم: أن هذا منتف فيما عدا الغسلة الأخيرة، لأن المحل بعده نجس ولو ورد عليه كر من الماء.
وبالجملة: فاستدلال السيد قدس سره إما أخص من مدعاه وإما أن مورد كلامه الغسلة المطهرة والأليق هو الثاني، لأن جعل العلة مخصصة للحكم أولى من نسبة الخطأ إلى المتكلم.
ثم إن المحقق لم يفهم من كلامه المحكي عن المصباح في ماء الاستنجاء