ويمكن حمله على أن المراد بالحصر في إذاعة السر حصر المقصود المهم من الكلام في الافشاء، فكأنه لكال العناية به هو المعني لا غير، وأما الاطلاع على العيوب الظاهرة الذي تخيل الناس أنه المعني لا غير، بل الاطلاع على العيوب الباطنة بالتجسس عنها الذي هو أشد من الأول، فكلاهما حمل في جنب الافشاء! وبذلك مجمع بينهما وبين موثقة حنان " قال:
دخلت أنا وأبي وعمي وجدي حماما بالمدينة فإذا رجل دخل بيت المسلخ، فقال: ممن القوم؟ فقلنا: من أهل العراق! قال: وأي العراق؟ قلنا: كوفيون قال: مرحبا بكم يا أهل الكوفة! أنتم الشعار دون الدثار ثم قال: ما يمنعكم من الأزر؟ فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: عورة المؤمن على المؤمن حرام (إلى أن قال) فسألنا عن الرجل؟ فإذا هو علي بن الحسين عليه السلام (1).
أقول: وقد ورد في غير واحد من الأخبار ما يظهر منه الكراهة.
منها: المحكي في الفقيه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " إنه كره دخول الحمام إلا بمئزر " (2) ونحوه نبوي آخر (3).
وموثقة ابن أبي يعفور، قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام أيتجرد الرجل عند صب الماء ترى عورته، أو يصب عليه الماء، أو يرى هو عورة الناس؟ فقال: كان أبي عليه السلام يكره ذلك من كل أحد " (4).