أن تلون الماء بالنجاسة لا يكون إلا مع تأثيرها فيه فعلا، وأنه لو فرض ممازجة جسمين متساويين في اللون لم يصر أحدهما منفعلا بلون الآخر، بل كل جزء من المجموع مركب من جزئين لون كل منهما قائم بنفسه غير مؤثر في الآخر - لامتناع الترجيح بلا مرجح - فلا أجد معنى لظهور وصف النجاسة وتحقق التغير والاستيلاء ودعوى استتاره عن الحس، ولا لما ذكر:
من أنه لا بد من تأثير النجاسة اشتدادا في لون الماء الموافق له، وقد مثلنا لك أن زيادة اللبن على اللبن لا تؤثر في بياضه، ولأجل ما ذكرنا اعترف العلامة والشهيد قدس سره - فيما تقدم من كلامهما - بأن التغير هنا تقديري.
ثم الفرق بين صورتي التوافق مشكل، كما يظهر من الحدائق (1) ومحكي حاشية المدارك (2) بل جزم في الروض (3) بعدمه وهو الظاهر، لاشتراكهما في كون التغيير الفعلي معلقا، غاية الأمر توقفه في أحدهما على وجود المقتضى وفي الأخرى على انتفاء المانع، بل الظاهر كونه من قبيل الثاني في كليهما، لأن الماء وإن كان فاقدا للصفة عرفا كالنجاسة، إلا أنهما لا يخلوان عن لون قطعا، ولذا قد يستهلك الفاقد الواجد ويسلبه صفته، فيقال: إنه صار بصفة ما استهلكته، فالتأثير حينئذ يتوقف على عدم هذا الوصف الذي يطلق عليه مسامحة عدم الصفة.
ويتلو الفرق المذكور في الاشكال - بل الضعف - ما عن المحقق