فيحتمل: أن يحترز بذلك عن العيون التي تجري في الشتاء وتجف في الصيف وأن يحترز به عن مثل الآبار، حيث إنها تنبع حتى يعلو الماء إلى مقابل النبع فيقف، فإذا نقص منه أخذ في النبع.
وأن يحترز به عما ينقطع زمانا لعارض - من سد المادة ونحوه - فيعتبر الجريان حين ملاقاة النجاسة.
وأن يحترز به عن العيون الصغار التي ترشح آنا فآنا بحيث لا يتصل نبعه والقابل للإرادة والمحتاج إلى البيان هو الاحتمال الثاني، فتكون العيون الراكدة عنده غير ملحقة بالجاري، ويكون الجريان فعلا معتبرا. وهو الحق على تقدير عدم اعتبار الكرية، لأنه المتيقن من الأدلة السابقة ومن معقد الشهرة والاجماعات المتقدمة، لما عرفت أن الجاري عندهم هو السائل عن نبع.
نعم، لو كان مدرك المحكم صحيحة ابن بزيغ عم الحكم لمطلق ذي المادة بشرط اتصاله بها.
وكيف كان: فالجاري لا ينجس (إلا باستيلاء) أثر عين (النجاسة) ولو في ضمن متنجس، على ما هو الغالب من تغير الجزء البعيد من الماء بالجزء القريب المتغير بعين النجاسة الواقعة فيه، بل ولو لم يقع في الماء إلا المتنجس المتغير بعين النجاسة، كالماء المتلون من الدم.
ودعوى: عدم شمول الأخبار لذلك واختصاصها بما إذا وقع عين النجاسة فغيرته ولو بالواسطة، يدفعها أن المناط تغير الماء بأثر النجاسة، لا تغيير عين النجاسة للماء، كما يشهد به صحيحة ابن بزيع: " يفسده شئ