وعمدة تلك الوجوه ما أخذه بعض الأفاضل (1) من كلامه.
أحدها: أنه لو اعتبرت الممازجة، فإما أن يراد امتزاج الكل بالكل، أو البعض بالبعض.
أما الأولى: ففيه أولا: أنه غير ممكن.
وثانيا: أنه غير ممكن الاطلاع عليه، فالأصل بقاء النجاسة.
وثالثا: أن جماعة من معتبري الامتزاج - كالعلامة والشهيد وغيرها - حكموا بطهارة المحياض الصغار المتصلة باستيلاء الماء من المادة عليها وبغمس كوز الماء النجس في الكثير ولو بعد مضي زمان وطهارة القليل بماء المطر، بل ادعى السوري والشهيد الثاني الاجماع على الثالث (2) مع أن الامتزاج الكلي لا يحصل في شئ.
ورابعا: أن الامتزاج ليس كاشفا عن الطهارة حين الملاقاة قطعا، بل يتوقف عليه، والمفروض: أن الماء المعتصم يخرج عن كونه كرا أو جاريا أو ماء غيث قبل تمام الامتزاج الكلي.
وخامسا: أنه إذا ألقي النجس الكثير في المطهر القليل بحيث يستهلك فيه، فإما أن يحكم بالنجاسة وهو خلاف الأصل والاجماع، أو بالطهارة وهو المطلوب، وكذلك عكسه إذا سيق المطهر من مجاري متعددة بل دفعة. وغاية ما يمكن أن يقال: إنه يطهر أجزاءه المخالطة له وهكذا بالتدريج. وفيه - مع استلزامه المنع عن استعمال الماء قبله بلا دليل، واختلاف الماء الواحد في السطح الواحد - أنه إنما يتم إذا اجتمع الأجزاء المختلطة بحيث لا يتوسط