أما الصحيحة: فقد تقدم ظهورها في عدم انفعال البئر بالملاقاة (1) - وجوب صرفها إلى معنى يلائم القول بالنجاسة على القول بانفعال البئر، - أقرب وجوه الصرف ما تقدم من كون المراد بالفساد فساده بحيث لا يصلح إلا بالممازجة التامة مع ماء جديد من المادة، وهذا ثابت مع التغيير منتف مع غيره، ولا ريب أن الرواية على هذا صريحة في حاجة الماء المتغير إلى النزح أزيد مما يحتاجه الماء مع عدم التغير، فلا يدل على كفاية زوال التغير وإن لم ينزح المقدر، لأنه يلزمه كون الماء مع عدم التغير أفسد منه مع التغير وهذا خلاف (2) ما استظهر من الرواية، بل كل تأويل يفرض في الصحيحة ليوافق مذهب المستدل بها - حيث يقول بنجاسة البئر بالملاقاة - لا يخلو عن صراحة كون الفساد مع التغير أقوى وأشد وأحوج إلى اخراج الماء.
وبالجملة: فاستدلال القائلين بالنجاسة بهذه الصحيحة مع ردهم لها - تارة بكونها مكاتبة، وأخرى بالتأويل، وثالثة بعدم المعارضة مع أدلة وجوب النزح - في غاية الاشكال، فضلا عن تقديم ظهورها على ظهور أخبار المقدرات وظهور أخبار وجوب نزح الجميع.
وأما ما بعد الصحيحة من الأخبار: فهي في مقام عدم كفاية المقدر المذكور في مواردها للتطهير مع التغير، إذ من المعلوم عدم زوال التغير بما دون خمس دلاء أو سبع أو عشرين، فيدل على ما هو المطلوب من كفاية زوال التغير وإن لم يبلغ المقدر.