القرينة من الخارج على أن الشرط ليس علة منحصرة لحكم الجزاء بل له أسباب أخر، كعدم المقتضي أو وجود مانع آخر - كما في المثالين المذكورين، حيث يعلم من الخارج أن لعدم الخوف من كثير من الآحاد، ولعدم إكرام كثير من الناس أسبابا أخر، وليس عدم الخوف والاكرام في كل أحد مستندا إلى الخوف من الله أو مجئ زيد بالبديهة - لم يفد المفهوم إلا ثبوت الحكم المنفي في المنطوق عن الأفراد المستند عدم الجزاء فيها إلى عدم الشرط.
لكنك خبير بأنه لا مناص مع عدم القرينة عن التزام ظهور الكلام في كون الشرط سببا منحصرا لا يشتركه سبب آخر يقوم مقامه، فإن هذا هو معنى القول بمفهوم الشرط وإنكاره إنكار له: ولهذا أنكر السيد المرتضى قدس سره مفهوم الشرط استنادا إلى عدم ظهوره في انحصار السبب (1) فلعل المجئ سبب لاكرام زيد ويقوم مقامه عند انتفائه سبب آخر فلا ينتفي الجزاء.
وثانيا: لو سلمنا عدم دلالة المفهوم بمقتضى نفس التركيب على العموم، لكن القرينة هنا عليه موجودة، لأن المراد بالشئ في المنطوق ليس كل شئ من أشياء العالم، بل المراد ما من شأنه تنجيس ملاقيه من النجاسات المقتضية للتنجيس، فإذا فرض كون كل فرد منها مقتضيا للتنجيس وكانت الكرية مانعة لزم عند انتفاء الكرية المانعة ثبوت الحكم المنفي لكل فرد من الشئ باقتضائه السليم من منع المانع، وأول المثالين من هذا القبيل، فإن المنفي مع ثبوت الخوف من الله هو الخوف عن كل من يوجد فيه مقتضى الخوف منه، فمع عدم الخوف من الله يثبت الخوف من كل واحد من هذه المخوفات باقتضاء نفسه، ومن هذا القبيل قولك: " إذا توكلت على الله فلا يضرك