لكن الانصاف: أن ظاهر نفي البأس في المقيدات - بعد العلم بعدم الحرمة في غير المأمونة - نفي الكراهة رأسا، مع أنه لو تكافأ الاحتمالان يرجع إلى الأصل.
هذا كله بناء على أن " غير المأمونة " في العرف هي " المتهمة " وإن جعلناها أعم - كما هو مقتضى اللغة - لم يكن تعارض بين المطلق والمقيد، ولا بين قول المبسوط وقول من عبر بغير المأمونة، بناء على إرادة الفرد المتعارف من مطلق الحائض، وهو غير المتحفظ والورع عن النجاسات بحيث يظن ويوثق بطهارة يدها، فحاصل مذهبهم كراهة سؤر الحائض من حيث هي للظن النوعي بعدم طهارة يدها، فهي متهمة نوعا، إلا أن يكون خصوص الشخص بحيث تؤمن من ذلك، لشدة تورعها عن النجاسات.
لكن الانصاف: أن المراد بالمأمونة الفرد المتعارف، وهي التي لا تتهم لقلة مبالاتها بالنجاسة. ويؤيدها ما في رواية السرائر (1) من قوله: " تغسل يديها " بدل " المأمونة " فإن مقابلها من " لا تغسل يديها " وهي المتهمة، وغسل اليد أمر متعارف عقيب تلوتها، خصوصا بالقاذورات المستنفرة.
ومما ذكرنا يظهر أن ما في المدارك والذخيرة - من أن " إناطة الكراهة بغير المأمونة أولى من إناطتها بالمتهمة، لأن النص يدل على انتفاء الكراهة إذا كانت مأمونة، وهي أخص من كونها غير متهمة " (2) انتهى - محل نظر، أما أولا: فلاتحادهما عرفا، وأما ثانيا: فلأن انتفاء الكراهة منوط في رواية السرائر بغسل اليدين، ومفهومه الكراهة مع عدم غسلهما، وليس المراد العلم