فينزح حتى يذهب الريح ويطيب الطعم، لأن له مادة " (1) بناء على كون ذهاب الريح والطعم علة غائية للنزح، لكون " حتى لا تعليلية، أو للانتهاء، مع استظهار كون مدخوله علة غائية، مثل قولك: " كرر النظر في العبارة إلى أن تفهمها " فيدل على أن المقصود من النزح ليس إلا زوال التغير، وإذا تعدينا من البئر إلى كل ذي مادة - بمقتضى النص على علية المادة - دل على أن كل ذي مادة يطهر بزوال تغيره.
ويؤيده إطلاق قوله عليه السلام: " ماء الحمام كماء النهر يطهر بعضه بعضا " (2) حيث إن ظاهره أن وجود بعضه يرفع خبث الآخر ولو لم يحصل الامتزاج، خرجت صورة وجود التغير.
وما دل على كفاية اتصال ماء المطر بالماء المنفعل، مثل قوله عليه السلام في مرسلة الكاهلي: " كل شئ، يراه ماء المطر فقد طهر " (3) فيكفي الاتصال بمادة الجاري أيضا، لأن المطر بمنزلة الجاري.
وفي الجميع نظر، لمنع كفاية مجرد اتصال المنفعل بما لا ينفعل، بل قد يقال بعدم كفايته هنا وإن قلنا بها في غير الجاري، لأن شرط كفاية الاتصال علو المطهر أو مساواته، المفقودان في المقام، فيعتبر التدافع وتكاثر الماء.
وأما الصحيحة: فليست ظاهرة في رجوع التعليل بالمادة إلى الفقرة الأخيرة، ولا في كون " حتى " تعليلية أو داخلة على العلة الغائية، بل الظاهر منها اعتبار كون الذهاب بالنزح الموجب لتدافع الماء من المادة ليزول بذلك تغيره.