ويؤيده أيضا رواية الميزابين السائلين أحدها بول والآخر ماء المطر (1) فإن البول المستحيل في ماء المطر يغيره أولا ويزول تغيره بجزء آخر من ماء المطر لا يستهلكه.
فتحصل من جميع ما ذكرنا: أنه يكفي في المطهر مطلق الامتزاج وإن لم يحصل الغلبة.
وأما ضعف ما تمسكوا به على كفاية الاتصال وعدم اعتبار الممازج فلأنهم ذكروا لذلك وجوها يظهر ضعفها بعد ذكرها:
أحدها: الأصل، ذكره بعض الأفاضل (2)، وفيه: أنه يقتضي النجاسة.
الثاني: عمومات مطهرية الماء بقول مطلق، أو خصوص المعتصم منه كماء المطر وماء النهر.
منها: قوله عليه السلام في رواية السكوني: " الماء يطهر ولا يطهر " (3). وفيه - بعد تسليم السند - أنه مجمل من حيث المتعلق، لكونها قضية مهملة مقابل قوله: " لا يطهر " أي لا يطهر بغيره، كما في قولك: " زيد يعطي ولا يعطى " ومن حيث كيفية التطهير، بل الظاهر المركوز في الأذهان أن الماء يطهر بالاستيلاء على مجموع القذر لا بتلاقي جزئين منهما.
ومنها: قوله عليه السلام: " ماء الحمام كماء النهر يطهر بعضه بعضا " (4) وفيه - مع ضعف سنده جدا - أن الظاهر منه إرادة حفظ الطهارة لا إحداثها بعد أن لم تكن، كما ذكرنا ذلك موضحا في مسألة انفعال القليل من الجاري.