بالاجماع والضرورة؟ قولان: أظهرها وأشهرهما الأول، بل الظاهر أنه مذهب الكل.
عدا سيد مشايخنا في مناهله مدعيا حصول إطلاق فتاويهم ومعاقد إجماعاتهم على انفعال المضاف بالملاقاة لما إذا كان المضاف عاليا.
وفيه: أن ظاهرهم تنجس المضاف مطلقا على نحو تنجس المطلق القليل، بل الملاقاة في كلامهم غير معلوم الشمول لهذا الفرد، خصوصا عند من، لا يرى اتحاد العالي مع السافل.
وبالجملة: فالقاعدة المتقدمة المستفادة من الأخبار - أعني نجاسة المائع الملاقي للنجس - لم يعلم حصوله للأجزاء العالية من المائع الملاقي بعضه للنجس، فلاحظها جميعا. بل المركوز في أذهان المتشرعة عدم السراية، ولذا استقرت سيرتهم على العمل على ذلك، بل صرح في الروض بأنه لا يعقل سراية النجاسة من الأسفل إلى الأعلى (1). وهو وإن كان ممنوعا، إلا أن دعواه كاشفة عن عدم وجدانه الخلاف في ذلك عن أحد من العقلاء فضلا عن العلماء.
هذا كله مضافا إلى الاجماع الظاهر من كلام غير واحد، منهم الشهيد الثاني في الروض (2). ومنهم السيد العلامة الطباطبائي في المصابيح في خصوص ماء الورد (3) وفي منظومته، حيث قال:
وينجس القليل والكثير * منه ولا يشترط التغيير إن نجسا لاقى عدا جار علا * على الملاقي باتفاق من خلا (4)