كتاب الطهارة - الشيخ الأنصاري - ج ١ - الصفحة ٣٠٥
إضافة أجزاء من الماء مجاورة لها ولو يسيرة، بل توجب صيرورة أنفسها بالاختلاط مضافة، فحكم الشارع بطهارة الجميع لا يكون إلا بالاستهلاك.
الثالث: أن المضاف النجس يصير ماء مطلقا فيطهر بامتزاجه بالكثير إجماعا، كما تقدم في تطهير الماء القليل المنفعل (1).
ودعوى اعتبار كون الامتزاج بالكثير بعد صدق كونه ماء مطلقا والمفروض أن إطلاقه بالامتزاج فلا مطهر له بعد صيرورته طلقا، مدفوعة بأن المقصود من الامتزاج تلاشي الأجزاء ولو قبل صيرورته ماء مطلقا، إذ المفروض انعقاد الاجماع على أن الماء المطلق المتلاشي في أجزاء الكثير لا يقبل النجاسة العارضة ولا يتحمل النجاسة السابقة الكائنة فيه، ومرجع هذا إلى الوجه الأول، وهو عدم اختلاف الأجزاء المتلاشية في الطهارة والنجاسة.
ومما ذكرنا يظهر أنه لا فرق بين صيرورة الماء المطلق متغيرا بأوصاف المضاف المتنجس وعدمها، بناء على المشهور من عدم انفعال الكثير بتغير أوصافه بالمتنجس. ويأتي على القول بانفعاله به عدم الطهارة، لخروج الماء بالتغير عن الاعتصام، وقد يستفاد من كلام الشيخ في المبسوط والمحقق في المعتبر والعلامة في التحرير.
قال في المبسوط: إنه - يعني المضاف - لا يطهر إلا بأن يختلط بما زاد عن الكر الطاهر المطلق: ثم نظر فيه، فإن لم يسلبه إطلاق اسم الماء ولا غير أحد أوصافه، فإن سلبه أو غير أحد أوصافه لم يجز استعماله، وإن لم يغيره ولم يسلبه جاز استعماله في ما يستعمل فيه المياه الطاهرة (2) انتهى. وفي ما

(١) تقدم في الصفحة: ١٣٩.
(٢) كذا في النسخ، ولا يخفى ما فيه من الاضطراب وعدم الانطباق مع ما في المبسوط وإليك نصه: ولا طريق إلى تطهيرها مجال إلا أن يختلط بما زاد على الكر من المياه الطاهرة المطلقة، ثم ينظر فيه فإن سلبه إطلاق اسم الماء لم يجز أيضا استعماله بحال، وإن لم يسلبه إطلاق اسم الماء وغير أحد أوصافه - إما لونه أو طعمه أو رائحته - فلا يجوز استعماله مجال. وإن لم يتغير أحد أوصافه ولم يسلبه إطلاق اسم الماء، جاز استعماله في جميع ما يجوز استعمال المياه المطلقة فيه " المبسوط ١: ٥.
(٣٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 ... » »»
الفهرست