مع أن الكرية شرطا كان للطهارة أو مانعة عن النجاسة أمر وجودي، والأصل القلة، فكا أن الماء المشكوك في كريته إذا أصابه نجاسة حكم بنجاسته - على ما اعترف به المحقق قدس سره في المعتبر في الفرع التاسع من فروع مسألة القليل مستدلا بأن الأصل القلة - (1) فكذلك فيما نحن فيه، حيث إن الماء الملاقي للنجاسة مشكوك الكرية والقلة، فالأصل قلته، وهذا الأصل وارد على أصالة طهارة الماء، كما في الفرع المذكور.
قلت: إن الملاقاة التي هي سبب للنجاسة لم يحرز وقوعها قبل الكرية فالأصل عدمها قبلها.
والحاصل: أن هنا حادثين مجهولي التاريخ، فيرجع إلى أصالة طهارة " الماء وقاعدتها، فإن المقام حقيق به.
وأجاب بعض المعاصرين: بأن الالتزام بعدم طهارة الماء المذكور ليس منكرا، فلا يحكم عليه بالطهارة ولا النجاسة، فهو لا ينجس الطاهر ولا يطهر النجس، كما في المشكوك كريته إذا لاقته النجاسة على وجه قوي، إذ كما أن الكرية شرط وقد شك فيها فكذلك الطهارة شرط وقد شك فيها، مع إمكان الفرق بأن الشرط عدم العلم بالنجاسة قبل البلوغ لا الطهارة (2) انتهى.
وفيه: أن السيد ادعى الاجماع على الحكم بطهارة الماء المذكور (3) وقد اعترف بهذا الحكم من خالفه في المسألة، كالفاضلين (4) والشهيد (5).