فعبر عن مناط الطهارة بعدم تمايز الأجزاء.
وأما الشهيد: فظاهره وإن كان اعتبار الكثرة الفعلية، إلا أن هذا الكلام منه معارض بما هو كالصريح في عدم اعتبار الاستهلاك بمعنى الغلبة، فإنه قال رحمه الله بعد ذلك: لو غمس الكوز بمائه النجس في الكثير الطاهر طهر مع الامتزاج ولا يكفي المماسة ولا اعتبار بسعة الرأس وضيقه ولا يشترط أكثرية الطاهر، نعم يشترط المكث ليتحقق الامتزاج (1) انتهى. وقال أيضا قبل ذلك فيما لو تغير بعض الكثير الراكد: إنه يطهر بتموجه إن بقي كر فصاعدا غير متغير وإلا فبإلقاء كر متصل فكر حتى يزول التغير. ثم قال:
ولو قدر بقاء الكر الطاهر متميزا وزوال التغير بتقويته بالناقص عن الكر أجزأ (2) انتهى.
فإن ظاهر هذه الفقرة الأخيرة كفاية مقدار قليل من الماء مزيل لتغير المتغير وإن كان كثيرا مع اعتصام ذلك القليل بالكر الباقي غير متغير ولو كان هذا القليل ملقى من الخارج.
والحاصل: أنه لم يعلم فتوى أحد من الأصحاب باعتبار الاستهلاك بمعنى الغلبة. ومن هنا صح للمحقق الثاني عند الاستدلال على كفاية مطلق الاتصال دعوى الاجماع على أنه لا يعتبر في المطهر وراء الامتزاج شئ (3) وللفاضل المقداد والشهيد الثاني في الروضة دعوى الاجماع على طهارة الماء