بالاستهلاك (1) مثل ما دل على أنه لا بأس بما يقع من البول في الكر إذا لم يبلغ في الكثرة حد التغير الرافع (2) إذ وقوع النجاسة العينية في الكر يستلزم تغير ما اكتنفها من أجزاء الماء فينجس، وقد حكم الشارع بنفي البأس عن ذلك، وليس إلا لامتزاجه بباقي أجزاء الكر، فدل على حصول الطهارة بالامتزاج.
وكيف كان: فلا إشكال في الحكم المذكورة لكن الاشكال في أنه هل يعتبر استهلاك المتنجس في الطاهر على الوجه المعتبر في تطهير المضاف؟
أو يكفي مطلق الامتزاج - بحيث لو فرض للنجس لون مغاير للماء الطاهر ولو ضعيفا لزال، فيطهر كر واحد أكرارا متعددة إذا امتزج ولو استهلك فيها وعلى الأول فلا يطهرها إلا إذا استهلكها جزءا فجزءا - وجهان:
من الأصل، والمتيقن الطهارة بالاستهلاك، لظهور كلمات من تقدم من القائلين بالامتزاج في الاستهلاك واختصاص الأدلة المتقدمة بهذه الصورة.
ومن أن ملاحظة كلمات القائلين بالامتزاج في مقام آخر تقفي بعدم اعتبار الاستهلاك بالمعنى المتقدم، لأنهم ذكروا في الجاري المتنجس: أنه يطهر بتكاثر الماء من المادة عليه حتى يزول تغيره (3). ومن المعلوم: أن زوال آخر مراتب التغير يحصل بقليل من الماء المجاري مستهلك في جنب الماء النجس، ولم يقل أحد منهم باعتبار ما زاد على ما يزيل التغير، فإذا اكتفي في