المتنجس بماء المطر (1) مع أنه لا يستهلكه غالبا، ولشارح الروضة دعوى الاجماع في غير موضع من كلامه على أن الكر الواحد يطهر أكرارا كثيرة (2).
ومن ذلك ظهر ما فهمه (3) صاحب الحدائق في ظاهر كلامه من إرادة القائلين بالامتزاج الاستهلاك، حيث قال في موضع: إن مما يعلم به عدم الامتزاج بقاء ماء الكوز النجس على وصفه السابق إن كان كذلك كعذوبته مع ملوحة المطهر وحرارته مع برودة المطهر أو بالعكس فيهما (4) انتهى.
ولا يخفى أن مجرد بقاء الصفة قد تجتمع مع استهلاك المضاف النجس في المطلق، مع ما عرفت أن أحدا من أهل الامتزاج لم يظهر منه اعتبار الامتزاج المعتبر في تطهير المضاف، فضلا عن المطلق.
ومما يدل على ذلك ما ذكرنا في الوجه الثالث (5) من أدلة الامتزاج، فإن زوال تغير الأجزاء المكتنفة بالنجاسة الواقعة في الكثير يحصل باختلاطه بقليل مما يتحرك إليه من أطرافه.
هذا، مضافا إلى قوله عليه السلام في مرسلة الكاهلي: " كل شئ يراه ماء المطر فقد طهر " (6) فإن الرؤية كناية عن الملاقاة. فملاقاة ماء المطر لأجزاء الماء النجس موجبة لطهارتها ولا يعتبر استهلاكه لما لغلبته عليها، بل سيأتي استدلال بعضهم بهذه المرسلة على كفاية ملاقاة المطر وما جرى مجراه من الكثير والجاري لجزء من الماء النجس، لكن سيأتي ضعفه.