بتلك الأخبار على عدم كون لزوم تلك المبايعة من أحكام الشرع، وأما أن الحكم هو خيار البائع، أو فساد المبايعة، أو ضمان المشتري للتفاوت، فهو يحتاج إلى عناية أخرى.
البحث الخامس:
قد ظهر مما ذكر: أن نفي الضرر والضرار في الأحكام الشرعية، من الأصول والقواعد الثابتة بالأخبار المستفيضة، المعتضدة بعمل الأصحاب، الموافقة للاعتبار، المناسبة للملة السمحة السهلة، المعاضدة بنفي الحرج والعسر والمشقة، كما ورد في الكتاب (1) والسنة (2)، فهذا أصل من الأصول كسائر القواعد والأصول الممهدة، ودليل شرعي يستدل به في موارده.
ن لم يكن له معارض، فالأمر واضح. وإن كان، بأن يدل دليل آخر على ثبوت حكم شرعي يلزم منه ضرر، فيعمل فيهما بمقتضى التعارض والترجيح.
وقد يعارض نفي الضرر نفسه، بأن يكون الأمر مرددا بين حكمين يستلزم كل منهما ضررا على أحد، فالحكم الترجيح إن كان، وإلا فالتوقف، أو التخيير.
ولا يخفى أن مرادنا من كون نفي الضرر والضرار من الأصول: أنه من الأدلة الشرعية، لا أنه أصل كأصل البراءة والاستصحاب، وأصل الحقيقة، و أمثالها، حتى لا يعارض دليلا أصلا.
والتوضيح: أنهم قد يقولون: إن القاعدة الفلانية من قبيل الدليل، دون الأصل، حتى لا يعارض دليلا (3).