ولا يخفى: أن في التفسيرين تخصيصا بلا دليل، وتقييدا بلا مقيد ظاهر.
مع ما في الثاني من مخالفة الواقع، فإنه يوجب التفرقة بين اشتراط سكنى البائع في دار باعها في مدة معينة، وبين اشتراط سكناه في دار أخرى للمشتري غير تلك الدار في تلك المدة، وجواز الأول، وعدم جواز الثاني، وهو ليس كذلك.
وكذا الفرق بين اشتراط عدم الانتفاع بالمبيع مدة، وبين عدم الانتفاع بغيره مما هو من مال البائع أو المشترى، ولا وجه له.
وأبعد منهما وأظهر فسادا ما قيل: من أن الظاهر من تحليل الحرام وتحريم الحلال هو تأسيس القاعدة.
قال: وهو تعلق الحكم بالحل أو الحرمة - مثلا - بفعل من الأفعال على سبيل العموم، من دون النظر إلى خصوصية فرد، فتحريم الخمر معناه منع المكلف عن شرب جميع ما يصدق عليه هذا الكلى. وهكذا حلية البيع، فالتزوج والتسري مثلا أمر كلي حلال، والتزام تركه مستلزم لتحريمه. بل وكذلك جميع أحكام الشرع من الطلبية والوضعية وغيرها، وإنما يتعلق الحكم بالجزئيات باعتبار تحقق الكلي فيها.
فالمراد من تحليل الحرام وتحريم الحلال المنهي عنه: هو أن تحدث قاعدة كلية، ويبدع حكما جديدا.
فقد أجيز في الشرع البناء على الشروط، إلا شرطا أوجب إبداع حكم كلي جديد، مثل تحريم التزويج والتسري وإن كان بالنسبة إلى نفسه فقط، وقد قال الله تعالى: ﴿فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع﴾ (1) و جعل الخيرة في الجماع والطلاق بيد الزوجة، وقد قال الله تعالى: (الرجال