رواية أخرى رواها الكليني عن الصادق (عليه السلام) قال: إن أحدكم ليكثر به الخوف من السلطان، وما ذلك إلا بالذنوب، فتوقوها ما استطعتم (1) - فذلك لا ينافي انقسامها قسمين أصلا، كما لا يخفى.
سلمنا، لكنها يحمل على المفصل، لكونه أقوى في نفسه، ومن جهات المعتضدات الخارجية أيضا.
وأما المرسلة فيجاب عنه بمثل ما يجاب عن الأول، فإن المضر في الغالب - بناء على ما اقتضته الآية وتفسيرها - هو الكبائر.
سلمنا، لكنها محمولة على المفصل، ومن المعلوم أن هذه المقامات مقام الاجمال ومقام الوعظ، فكلما كان أخوف كان أردع.
وأما الموثقة فهي لنا لا علينا لو أريد من القليل الصغير، ولا لنا ولا علينا لو أريد القلة في العدد.
ثم إني لم أقف على ثمرة في هذا النزاع يعتد به، ولا يفيد لما نحن بصدده، إذ من يقول بأن الذنوب كلها كبائر، أي كبيرة في نفسها، لكونها جميعا مشتركة في أنها مخالفة الشارع، وإن كان بعضها أصغر من بعض بالإضافة، فكل منها كبيرة في حد ذاتها وبالنسبة إلى ما تحتها، وصغيرة بالنسبة إلى ما فوقها فقط، ويتفاوت العقاب بالنسبة إلى كل منها.
ومن يقول بأنها قسمان فلا ريب أنه لا يقول أيضا بأن تلك المعاصي في حد ذاتها ليست بقبيحة أصلا، بل يقول: إن لها قبحا قليلا صغيرا، ويستحق العقاب بفعلها أيضا في الجملة، فهما مشتركان في أن تلك المعاصي سبب لاستحقاق العقاب في الجملة. فما الذي به يمتاز الاصطلاحان والإطلاقان؟ وما الفائدة في ذلك؟
اللهم إلا أن يقال: إن العبرة هاهنا بإطلاق العرف، وصدق الكبيرة عرفا لو بني على ما ذكره المفصل، كما هو المشهور، وأصالة الحقيقة أيضا يقتضي ذلك، فيكون