عنده أحد الأمرين فالإتيان بها ليس إتيانا بالمحرم عمدا، الذي هو حرام.
وبالجملة: القدر الثابت من حرمة الجمعة مثلا على سبيل التسليم هو ما أفاده أدلة اشتراط الإذن، من أن الجمعة التي أريد أن يجعل جمعة حقيقة - وهي التي يسقط بها الظهر - لا يجوز إلا بذلك، أما فعلها حرام مطلقا وإن لم يجعل مسقطا للظهر وجمع بينها وبين الظهر فلم يثبت.
فإن قلت: سلمنا عدم ثبوت الحرمة، لكنه لا دليل على الجواز والصحة، فيكون فعله تشريعا محرما، فكيف تجعله احتياطا ومنشأ للثواب؟
قلت: سلمنا عدم الدليل، لكن التشريع والمحرم إنما هو إذا جعل هذا ما أراده الشارع وأدخل فعله في الدين بعنوان الحكم الشرعي، مع أنا لا نسلم عدم الدليل، أما على القول بوجوب الاحتياط - كما هو أحد الوجوه والأحوال - فالدليل هو وجوب المقدمة شرعا أو عقلا، وأما على القول بالاستحباب فما دل على رجحان الاحتياط من العقل والنقل.
فإن قلت: العبادة توقيفية، لا بد من بيان الشارع، فما لم يثبت منه فكيف تجعله عبادة؟
قلت: لا أخترع عبادة حتى أكون مخترعا للشرع، بل أفعل ما يحتمل أن يكون هو مخترع الشارع، فلعلي أصيب بما أراده منه، والإتيان بالمحتملات ليس نفس البت بأنه هو مراده، وأنه هو في نفسه هيئة شرعية أرادها الشارع.
وبالجملة: فالاحتياط أمر مرغوب فيه مندوب إليه، فلا تتركه.
هذا، وقد بقي الكلام فيما ذكرناه في صدر المقال، وأنه على تقدير إطلاق الجواز هل يشترط وجود فقيه جامع لشرائط الفتوى أم لا؟
ظاهر الأكثر عدم الاشتراط، وهم بين مصرح بالعدم، كعبارة أبي الصلاح (1) وعبارة الشهيد في الذكرى (2)، وهو الظاهر من كلام الباقين، فقال الشيخ في