في تحصيل أصول الدين بالقطع خطأ موضوع عن المكلفين معفو عنه واضح باتفاق فقهاء الأعصار على الحكم بشهادة العامي مع العلم بكونه لا يعلم تحرير العقائد بالأدلة القاطعة.
لا يقال: قبول الشهادة إنما كان لأ نهم يعرفون أوائل الأدلة، وهو سهل المأخذ.
لأ نا نقول: إن كان ذلك حاصلا لكل مكلف لم يبق من يوصف بالمؤاخذة، فيحصل الغرض وهو سقوط الإثم، وإن لم يكن معلوما لكل مكلف لزم أن يكون الحكم بالشهادة موقوفا على العلم بحصول تلك الأدلة للشاهد منهم، لكن ذلك محال (1)، انتهى.
ولا يخفى وجه التأييد، وفي كلامه محل تأمل ليس هنا موضع بيانه.
وإذا عرفت أنها لا بد أن تحمل على الصحيحة، فحمل البواقي عليها أولى.
ومما يؤيد ما اخترناه أن توجيه تلك الأخبار أظهر وأقرب من التوجيه في الصحيحة، وما وجهها الشيخ في الاستبصار (2) بأن المراد منها بيان منافيات العدالة، لا أنه يجب التفتيش وتحصيل العلم بذلك، وهو لا يلائم سياق الخبر، كما لا يخفى على المتدبر.
وأيضا مما يضعف الاعتماد بظاهر الاسلام الأخبار الواردة في الجماعات، منها ما مر من أنه " لا تصل إلا خلف من تثق بدينه وأمانته " (3)، والوثوق لا يحصل إلا بما ذكرنا، بل فوقه أيضا، ومثلها غيرها.
ثم اعلم أن ما ذكر من الأدلة والأبحاث أكثرها في الشهادة، والتعدي إنما هو بالإجماع المركب.
هذا، مع أن الاكتفاء بظاهر الاسلام وعدم ظهور الفسق سيما مع ظهور حسن ما لا يخلو عن قوة، سيما مع كون المسلمين محمولة أفعالهم على الصحة، ولذلك لا يجوز نسبتهم إلى الفسق والزنا وغير ذلك، فتأمل.