فعلى هذا لا يجوز الاكتفاء بمجرد الاسلام مع عدم ظهور الفسق، ولا بظهور عبادة أو عبادتين، أو نحو ذلك مع ذلك، بل لا بد من كونه - مع ما ذكر - معروفا باجتناب الكبائر ومداوما على الواجبات.
ويأتي على القول بالملكة مع وجوب التفتيش أن لا يكتفي بظاهر الحال، وأن يجب تفتيش الباطن حتى يحصل العلم بتلك الملكة، وهذا مما لم يدل عليه الأخبار، بل دل هذه الصحيحة على خلافه.
فحينئذ، المعيار في ما اخترناه هو صحيحة ابن أبي يعفور.
والأخبار التي ذكرناها في حجة الأولين منها ما يوافق ذلك أو أعم من ذلك ومنها ما يفهم خلاف ذلك.
فصحيحة يونس يوافق ما ذكرنا، إذ كونه مأمونا لا يحصل إلا بما ذكر، فإن الأمانة أمر وجودي، والمراد هنا أعم من الأمانة في أمور الدين والدنيا ولا يحصل العلم بوجوده أو الظن به إلا إذا كان الرجل معروفا بما ذكر.
وكذلك حسنة عبد الله بن المغيرة وما في معناها، إذ الصلاح لا يتحقق ظاهرا إلا بما ذكر، فلا بد أن يكون معروفا به.
وأما صحيحة عبد الله بن سنان وما في معناها فلعله يمكن أن يقال: إن رفع التهمة أيضا لا يحصل إلا بما ذكر، ولا تنحصر التهمة فيما عرض الشبهة في حاله لعارض، بل قد يكون لعدم العلم بحاله، فتأمل.
وأما حسنة العلاء بن سيابة فأيضا مثل ما ذكر، لأن الصلاح هو ما ذكرنا.
وأما رواية أبي الصباح الكناني وما في معناها - صحيحة عبد الله بن سنان ومرسلة يونس اللتين ذكرتا بعدها، وكذلك حسنة أحمد بن محمد بن أبي نصر، وهذه الأخبار - إما مساوقة لما ذكرنا ومؤدية مؤداها، أو أعم منها، فإن كان الأول فهو، وهو الظاهر، وإن كان الثاني فيحمل على صحيحة ابن أبي يعفور، حملا للمطلق على المقيد والعام على الخاص، مع أن الخاص أقوى دلالة وأكثر اعتضادا لما ذكرنا، وسنذكر.