ولا ريب أن الاحتياط مع مذهب ابن إدريس، سيما في ما لو كان أكثر من رجلين. ولعل التفصيل كما هو مضمون الروايتين، بل الروايات ليس بذلك البعيد، كما يظهر ذلك من بعض المتأخرين، لعدم ظهور الاجماع المركب هاهنا.
ثم إن قلت: إن رواية محمد بن مسلم وصحيحته تدلان على لزوم التساوي، لا الأعم كما ذكرته، وذلك لأنه (عليه السلام) جعل اليمين في مقابل الخلف ومقابل التقدم، وعدم القيام بينهما.
قلت: أما الرواية فالحكمان متفارقان في المحل ولا يظهر منهما مقابلة، مع أنه لا منافاة بين التقدم عنهما والقيام عن يمينهما كما لا يخفى، إذ لا يستلزم التقدم عنهما وقوعهما في الخلف كما هو ظاهر، فلا يرد ما سنذكر أيضا.
وأما الصحيحة فهي أيضا لا تدل على ذلك، إذ المقابلة كما يتحقق بين شيئين فقد يتحقق في ضمن أحد الشيئين أيضا وجنس الشئ الآخر، فربما يختص شئ بحكم ومقابله يكون محكوما فيه بجنس نقيض ذلك الحكم أو ضده، فحينئذ الوقوف عن اليمين جنس للتساوي وأحد أفراده التأخر، وبهذا لا يندفع المقابلة، على أن ما ذكرناه إنما هو لو فرض موضع الخلف في الصحيحة وقوع لفظ التأخر، وإلا فلا يستلزم التأخر كونه في الخلف فيحصل المقابلة بدون اعتبار التساوي أيضا، فتدبر. ولعل المتأمل يتمكن من استخراج وجه المقابلة في الرواية أيضا مع إبقاء اليمين على الإطلاق أيضا بضرب من العناية.
وبالجملة: المراد بالتقابل هنا أعم من التناقض والتضاد، والضد الوجودي لا ينحصر في الواحد، فتفطن.
ثم بعد البناء على التأخر أو الأعم منه فهل الوقوف على اليمين بالتفصيل المذكور واجب أو مستحب، ففيه وجهان:
والمشهور بين الأصحاب أنه مستحب، بل قال في المنتهى: إن هذا الموقف سنة، فلو خالف بأن وقف الواحد على يسار الإمام أو خلفه لم يبطل صلاته عند