بلوغ التمييز حدا يحفظ نفسه عن الهلاك بوقوع في بئر أو ماء أو نار أو عن سطح ونحو ذلك، ويشكل مع بلوغه ذلك الحد وإن احتاج إلى بعض الضروريات. وبعدم الجواز فيه صرح بعض الأصحاب.
قال: فيكون أمره إلى الحاكم كالبالغ من باب الولاية العامة، كحفظ المجانين وأموال الغياب وسائر المصالح العامة، فينصب له من يباشر ذلك، ويصرف عليه من بيت المال إن لم يكن له مال (1).
وهو حسن، ومرجعه إلى أن حكم الالتقاط - وهو الأخذ والتصرف في اللقيط وحفظه ونحو ذلك - مخالف للأصل مطلقا، سيما على القول بوجوبه، فيقتصر فيه على القدر المتيقن من النص والفتوى، وهو ما يطلق عليه لفظ اللقيط حقيقة عرفا.
والمميز الدافع عن نفسه لا يسمى لقيطا جدا. وعلى تقدير التنزل فلا أقل من الشك في تسميته بذلك حقيقة، وهو كاف في الرجوع إلى حكم الأصل، ولعل مراد المجوزين خصوص المميز الغير الدافع على ما يظهر من تعليلهم الجواز بما يدل عليه.
ومن هنا ينقدح وجه صحة تعبير الماتن كغيره عن اللقيط بخصوص الصبي دون مطلق الإنسان الشامل له ولمن في حكمه كالمجنون، لعدم صدق اللقيط عليه مطلقا وإن لم يستقل بدفع المهلكات عن نفسه، لأن ترتب أحكام اللقيط عليه بالاسم دون الحاجة ودفع الضرر عن النفس المحترمة، لاندفاعهما بإرجاع الأمر إلى الحاكم ومن في حكمه، كما في البالغ العاقل، لاتفاقهم فيه على امتناع التقاطه. ومع ذلك قالوا: نعم لو خاف على البالغ التلف في مهلكة وجب إنقاذه، كما يجب إنقاذ الغريق ونحوه.