ضرورة أن الكلام حول ما إذا كان المولى فرضا عالما بالمقدمة، وعالما بالتوقف، وشائقا نحوه، فإنه هل يمكن هنا القول بالوجوب، أم لا، أو يمكن أن يقال:
بأنه يريد ذلك زائدا على الشوق والاشتياق، أم لا؟
ولو كان الوجوب والإرادة قهري الوجود بعد تلك الإرادة - لأنها ليست إلا الشوق المؤكد، وهو حاصل - فلا يبقى مورد للنزاع، ويصير القول بوجوب المقدمة قطعيا، لأن الشوق والميل الطبيعي قطعي ووجداني.
فتحصل: أن مقدمة الواجب ليس مورد البحث وجوبها بالمعنى الاعتباري الانشائي، فإنه ممنوع قطعا، إلا في مقدمات أوجبها الشرع بألفاظ الإيجاب، بل المراد هو حصول الإرادة التشريعية في نفس المولى، كالإرادة التشريعية الموجودة في نفسه بالنسبة إلى ذي المقدمة، فيكون - على هذا - ما هو محط البحث: أن الإرادة المتعلقة بطبيعة، أو إيجاب أمر، هل تتعقبه إرادة أخرى متعلقة بمقدماتها، أم لا؟
وإن شئت قلت: هل مقدمة الواجب تكون مرادة بإرادة تشريعية أخرى، أم لا؟
وأما التعبير ب " الوجوب " فهو غلط، لأن الوجوب والإيجاب فرع الانشاء والإبراز، ولا معنى لإرادة اللزوم العقلي منه، لأنه أمر مفروغ عنه، كما هو الواضح.
ولا يخفى: أن الفرق بين الإرادتين، هو أن الأولى ليست من مبادئها الوجودية إرادة، بخلاف الثانية وهي الإرادة المتعلقة بالمقدمة، فإنها من مبادئها الإرادة الأولى المتعلقة بإيجاب كذا، وليست المبادئ الموجودة في النفس، موجبة لإجبارها على خلقها، حتى يقال باضطرارها إليه، لما تقرر منا: من أن النفس مختارة في ذلك ولو حصلت مبادئها التي توهمها القوم مبادئ لها (1).
ضرورة أن مع الشوق الأكيد لها، لا مانع من عدم تجمع النفس على إبداعها، لملاحظة مصالح اخر، ومنها الثمرات المترتبة على القول بالوجوب في باب