نعم، إذا قلنا: بعدم الانحلال فلا يقع في المحذور المزبور، لإمكان الجمع بينهما إلا في آخر الوقت، فإن مع فعلية الخطابين والقدرة واحدة لا يتمكن من تطبيقهما، فلا بد من علاجهما بما عرفت تفصيله (1).
وأما ما أشير إليه: من أن بعضا منهم قال: " بأن المزاحمة تقع بين المضيق والموسع، ولا تقع بين الموسعين " فهو غير تام، لأن وجه الوقوع هو الانحلال، فإذا انحل كل من خطابي الواجبين الموسعين تقع المزاحمة، ويقع المكلف في المحذور.
وتوهم: أن الوجه هو أن الإطلاق عنده هو جمع القيود (2)، فإذا كان من القيود قيد المزاحمة مع الواجب الآخر المضيق، وكان هذا التقييد ممتنعا، فيكون الإطلاق ممتنعا، فيرجع الأمر إلى المحذور، فلا بد من رفع اليد: إما عن دليل الواجب المضيق، أو إطلاق الواجب الموسع، وعند ذلك لا يعقل الجمع بين الخطابين الفعليين العرضيين، فلا بد من الالتزام بالترتب الذي هو العلاج المشهور، أو الالتزام بسقوط الكل (3) أو أحدهما، وهو علاج أبدعناه في المقام (4).
فاسد، ضرورة أن مقتضى هذا انقلاب كبرى التزاحم إلى التعارض، وتكون المعارضة بعد ذلك في المدلولين، أي مدلول خطاب الواجب المضيق، ومدلول خطاب الواجب الموسع، ويصير المرجع عندئذ العرف، وهو حاكم بالتقييد، أي عدم وجوب الفرد المزاحم.
بيان ذلك: أن التعارض هو تعاند الأدلة وتكاذبها في مرحلة التشريع والتقنين والجعل، فإذا ورد " أن فعل الإزالة واجب " وورد في دليل آخر " إن الصلاة واجبة "