منهما، فإن العبد إذا ترك المتساويين كلا، فلا أمر ثبوتا وإثباتا، ويستحق العقوبة مرة واحدة، لأنه ذو قدرة واحدة.
وإذا ترك أحدهما، وبنى على إتيان الآخر، صح الآخر، لاستكشاف الأمر، ولا يستحق العقوبة رأسا. هذا حال الصورتين من الفرض الأول.
وأما إذا ترك الأهم والمهم، فلا أمر بالنسبة إلى المهم، ويستحق العقوبة على الأهم. وهذا مما يصدقه العقلاء.
وعلى مسلك القوم ومسلك الوالد - مد ظله -، يلزم العقابان، وهو خلاف المرتكز العرفي والعقلائي، وإن أمكن تصويره عقلا.
وأما إذا بنى على ترك الأهم فقط، فيكون المهم مورد الأمر، ويستحق العقوبة على تركه الأهم، ولكن يتدارك مصلحة المهم بتمامها، وربما يتمكن من جبر العقاب المزبور بذلك الثواب المذكور.
نعم، هذا الأمر ليس يستحق مخالفه العقاب وإن كان متعلقه ذا مصلحة إلزامية، وذلك لأنه يقبح عقاب العاجز عن الجمع وإن لم يكن الجمع مورد الأمر، فإن مناط صحة العقوبة غير مناط صحة الأمر، كما هو المتراءى فيما نحن فيه (1).
وتوهم: أن سقوط أمر الأهم بلا وجه مدفوع بما مر: من أن بعث الباني على ترك الأهم غير ممكن، أو غير لازم، فيسقط أمر الأهم بمجرد البناء على إتيان المهم، ويثبت أمر المهم، لأجل البناء المذكور، وتكون في المثال المعروف الصلاة مورد الأمر قهرا، وتصح بلا إشكال (2).
وغير خفي: أن هذا الثبوت، ليس معناه إلا أن العقل يدرك بقاء الأمر بالمهم من أول الأمر، لأن المولى العالم بأطراف القضية، كان يعلم أنه لا ينبعث نحو الأهم،