نعم، على المسلكين الآخرين القائلين بالأمرين العرضيين أو الطوليين (1)، يكون استكشاف المصلحة بالأمر، فلا يتوجه الإشكال الصغروي إليهم: من أنه لا يمكن العلم بالمصلحة إلا بالأمر، حسب ما عرفت منا في الإيراد على كلام العلامة الخراساني (قدس سره) (2). ولكنه يتوجه إلينا، لأن سقوط الأمر يوجب الشك في ثبوت المصلحة وبقاء المقتضي.
نعم، لا يمكن في صورة التزاحم، دعوى عدم وجودها مطلقا، بمعنى أن فعل الإزالة والصلاة كليهما غير ثابتة مصلحتيهما، فيجوز للمكلف الإهمال بالنسبة إليهما، بل يكون ملاك أحدهما قطعيا، لأن منشأ احتمال سقوط المقتضي عدم القدرة، إما لأجل أن القدرة دخيلة فيهما، أو لأجل احتمال قصور المقتضي حين سقوط القدرة من ناحية أخرى، لا من جهة العجز وعدم القدرة.
فبالجملة: في هذه الصورة، يحدث العلم الاجمالي بوجود مصلحة ملزمة في المتساويين، وعليه الاحتياط.
اللهم إلا أن يقال: بأنه غير منجز هنا. وفيه أن العلم الاجمالي هنا - بل الاحتمال - منجز، لعدم رضا الشرع بتركه، فلا تجري الأصول العملية، حسب ما تحرر منا في محله (3). إلا أن ذلك لا يستلزم الحكم بصحة الصلاة، لاحتمال قصور المقتضي في ناحيتها، ولا كاشف إثباتا عنه.
إن قلت: يجري استصحاب بقاء المقتضي والمصلحة التي يتقرب بها العبد، فالصلاة قبل الابتلاء بالضد، كانت ذات مصلحة يمكن التقرب بها إلى الله، وشك في بقائها.