اهلا للعبادة فعبدوه. واما ما سوى ذلك فالعبادة انما تكون للخوف من العقاب و الطمع في الثواب، فلا بد ان يكون كل خطاب الزامي مولوي مستتبعا لاستحقاق العقاب ليصلح ان يكون داعيا، والا خرج عن المولوية إلى الارشادية.
وحينئذ نقول: ان الخطابين المترتبين، اما ان يستتبعا عقابين، واما ان لا يستتبعا الا عقابا واحدا. فان استتبعا عقابين يلزم ان يكون العقاب على غير المقدور، وهو في الاستحالة كالخطاب بغير المقدور، لوضوح انه لا يمكن للمكلف امتثال الخطابين المترتبين، لتضاد متعلقهما، فلا يمكنه الجمع في الامتثال. فإذا امتنع امتثالهما امتنع بالعقاب على تركهما، لاستلزام العقاب على الممتنع وغير المقدور، فلا بد ح من الالتزام بوحدة العقاب عند ترك امتثال الخطابين، ومعلوم ان العقاب حينئذ يكون على ترك الأهم لا على ترك المهم، فيخرج خطاب المهم عن كونه مولويا، لامتناع ما يستتبعه من العقاب، ويكون ارشاديا محضا لادراك مصلحته.
فظهر ان الخطاب الترتبي لو لم يكن محالا من جهة اقتضائه لايجاب الجمع، فهو محال من جهة ما يستتبعه من العقاب.
قلت:
منشأ امتناع تعدد العقاب في المقام ليس الا من جهة انه ليس هناك الا مطلوب واحد في جميع الحالات، لا مطلوبان، لعدم الامر بالجمع حتى يكون هناك مطلوبان، كما تقدم من أنه حال فعل الأهم لا يكون المطلوب الا هو، وفى حال تركه لا يكون المطلوب الا المهم، وان لم يسقط طلب الأهم بعد، والمطلوب الواحد لا يستتبع الا عقابا واحدا.
وحينئذ نقول: ان المطلوب الواحد لا يستلزم وحدة العقاب دائما لما فيه أولا: نقضا بالواجبات الكفيائة، وتعاقب الأيادي، فإنه ليس هناك الا مطلوب واحد وهو دفن الميت مثلا أو تكفينه، أو أداء مال الناس في تعاقب الأيادي. وهذا المطلوب الواحد لا يمكن ان يجتمع المكلفون على امتثاله، بل لا يصلح الخطاب الكفائي أو خطاب أداء مال الناس الا لامتثال واحد. وذلك الامتثال الواحد لا يمكن ان يصدر الا من مكلف واحد، ومع ذلك عند ترك الجميع يتعدد