واما دعوى: انه بعد ما كان لكل من الحكمين مقتض في عالم الثبوت فلا مانع من انشاء كل من الحكمين على طبق المقتضى ويكون الحكم في كل منهما اقتضائيا وكان الحكم الفعلي هو ما يكون ملاكه أقوى وأتم، ففسادها غنى عن البيان، بداهة ان المقتضى المزاحم بما هو أقوى منه دائما، لا يصلح لانشاء حكم على طبقه، لأنه أولا: يلزم اللغوية، إذا لحكم الذي لا يصير فعليا ولا يجب امتثاله بوجه من الوجوه يكون تشريعه لغوا، مثلا لو فرض ان العالم له اقتضاء الاكرام، والفاسق له اقتضاء عدم الاكرام، ففي غير مورد التصادق لا مزاحمة بين المقتضيين، واما في مورد التصادق فيتزاحم المقتضيان، فان لم يكن أحدهما أقوى، فلابد من الحكم بالتخيير ثبوتا، وان كان أحدهما أقوى - كما لو فرض، ان العلم أقوى ملاكا للاكرام من الفسق لعدم الاكرام - فلا بد حينئذ من انشاء الحكم على طبق الأقوى وتشريع وجوب اكرام العالم مطلقا بحيث يشتمل مورد التصادق وعدم تشريع حرمة اكرام الفاسق مطلقا، بل لابد من تخصيص دائرة التشريع بما عدا مورد التصادق. و تشريعه مطلقا - حتى في مورد التصادق ولكن الحكم الفعلي يدور مدار الأقوى، و يكون الحكم الفعلي في مورد التصادق هو وجوب الاكرام - يوجب اللغوية، إذ لا اثر للتشريع المطلق، مع أنه لا تصل النوبة إلى امتثاله في مورد التصادق، لأن المفروض ان الحكم الفعلي غيره. (1) وثانيا: ان ذلك غير معقول، لان إرادة الآمر في عالم الثبوت، اما ان تتعلق باكرام العالم الفاسق، واما ان تتعلق بعدم اكرامه، ولا يعقل الاهمال الثبوتي، فان تعلقت ارادته باكرام العالم الفاسق لأقوائية ملاكه، فلابد ان لا تتعلق ارادته بعدم
(٤٣٢)