عند أهمية أحدهما، للقطع بتقييد غير محتمل الأهمية والشك في تقييد محتمل الأهمية، فيرجع الشك فيه إلى الشك في المسقط.
هذا إذا تقدم زمان امتثال أحد المتزاحمين المشروطين بالقدرة العقلية. وأما إذا اتحد زمان امتثالهما كالغريقين فحينئذ تصل النوبة إلى الترجيح بالأهمية، فأي منهما أهم يقدم، لان الامر بالأهم يكون معجزا مولويا عن غيره. ومسألة الأهمية يختلف باختلاف ما يستفاد من الأدلة ومناسبة الحكم والموضوع، فما كان لحفظ بيضة الاسلام يقدم على كل شئ، وما كان من حقوق الناس يقدم على غيره، كما أن ما كان من قبيل الدماء والفروج يقدم على غيره، واما فيما عدا ذلك فاستفادة الأهمية يحتاج إلى ملاحظة المورد وملاحظة الأدلة.
وعلى كل حال قد ظهر لك: ان الترجيح بالأهمية، انما هو بعد فقد المرجحات السابقة: من البدلية واللابدلية، والاشتراط بالقدرة الشرعية وعدم الاشتراط، وغير ذلك من المرجحات السابقة، وعند فقد جميع المرجحات يكون الحكم هو التخيير. هذا تمام الكلام في تزاحم الحكمين في التكليف الاستقلالية.
واما الكلام في التزاحم في باب القيود والواجبات الغيرية، كما لو دار الامر بين ترك جزء أو شرط، أو دار الامر بين ترك شرط أو شرط آخر، أو جزء و جزء آخر، فله عرض عريض ويحتاج إلى بسط من الكلام لا يسعه المقام، وان كان شيخنا الأستاذ قد تعرض له في هذا المقام على سبيل الاجمال، الا انا قد اعرضنا عن بيانه لاجمال ما ذكره (مد ظله) في هذا المقام. فالأولى عطف عنان الكلام إلى مسألة الترتب التي هي من فروع باب التزاحم، ووقعت معركة الآراء بين الاعلام خصوصا في زماننا الحاضر.
وينبغي أولا تنقيح ما هو محل النزاع في المقام فنقول: قد عرفت ان اقسام التزاحم خمسة.
الأول: تضاد المتعلقين، لاجتماعهما في زمان واحد، كالغريقين.
الثاني: قصور قدرة المكلف عن الجمع بينهما من دون ان يكون بينهما مضادة، لاختلاف زمانهما، كالقيام في الركعة الأولى أو الثانية.