من الغريب: ان بعض الاعلام سلم دلالة النهى عن الآثار على الفساد، وأنكر دلالة النهى عن نفس المنشأ على الفساد، مع أن الثاني أولى، فتأمل جيدا.
ثم انه ربما يستدل على الفساد، ببعض الاخبار (1) المعللة لعدم فساد نكاح العبد بدون اذن مولاه: بأنه لم يعص الله وانما عصى سيده.
تقريب الاستدلال: هو ان الظاهر من الرواية، ان الشئ إذا كان معصية لله تعالى فهو فاسد، ولا يصححه إجازة الغير، والنهى التحريمي المتعلق بالمعاملة يوجب كون المعاملة معصية لله فتفسد. وهذا بخلاف ما إذا لم تكن المعاملة مما نهى عنها الشارع ابتداء، بل كان نهيه عنها يتبع حق الغير، لكونها تصرفا في سلطان الغير و تضييعا لحقه، فهذا لا يقتضى الفساد، لان الحق راجع إلى الغير، فله اسقاط حقه و إجازة المعاملة. فهذه الرواية تكون من أدلة جريان الفضولي في كل ما يكون متعلقا لحق الغير، ولا يختص الفضولي بما إذا كانت الرقبة ملكا للغير، بل مطلق تعلق حق الغير بالرقبة، ولو لأجل الرهانة، أو الخيار، أو الجناية، يوجب كون المعاملة معصية لذلك الغير المستتبع لمعصية الله تعالى، لمكان تضييع حق الغير، وليست معصية الله تعالى فيما إذا كانت المعاملة مما تعلق بها حق الغير سوى كونه تضييعا لحق الغير و تفويتا لسلطنته. وهذا بخلاف ما إذا كانت المعاملة بنفسها معصية الله تعالى و تصرفا في سلطنته تعالى، لمكان النهى عنها والبعث إلى تركها، فان مثل هذه المعصية توجب الفساد.
فيكون متحصل مفاد الرواية: ان المعاملة ان كانت معصية الله تعالى ابتداء ولم تكن معصية لغيره تعالى فهي فاسدة ولا تتحقق. وان كانت معصية للغير، لمكان كونها تصرفا في سلطنة الغير، فهي لا تقع فاسدة، بل أمرها يرجع إلى ذلك الغير، فان أجاز نفذت. وبذلك يندفع ما يقال: من أن معصية السيد أيضا معصية الله، فتدل الرواية على أن معصية الله لا توجب فساد المعاملة، والمراد من قوله: لم يعص الله، هو انه ليس نكاح العبد مما لم يشرع الله تعالى كالنكاح في العدة، فأقصى ما تدل عليه