معناه، فمن أين تأتى المجازية؟ وأي لفظ لم يستعمل في معناه؟ حتى يتوهم المجازية فيه. وهذا في التخصيص الأنواعي واضح لا سترة فيه.
نعم: في التخصيص الافرادي ربما يتوهم استلزامه المجازية، سواء كان ذلك في القضية الحقيقية أو في القضية الخارجية، من جهة ان التخصيص الافرادي لا يوجب تضييق دائرة المصب ومدخول الأداة كما في التخصيص الأنواعي، من جهة ان المدخول كما تقدم لم يوضع الا للطبيعة، فالتخصيص الافرادي انما يصادم نفس الأداة، حيث إن الأداة موضوعة لاستيعاب افراد المدخول، والتخصيص الافرادي يوجب عدم استيعاب الافراد، فيلزم استعمال لفظ الأداة في خلاف ما وضع له.
والذي يدل على وضع الأداة لاستيعاب افراد المدخول هو تقديم العام الأصولي على الاطلاق الشمولي، بعد اشتراكهما في الحاجة إلى مقدمات الحكمة لسريان الحكم إلى جميع الأنواع، ولكن بالنسبة إلى افراد النوع الواحد يكون السريان مدلولا لفظيا في العام الأصولي، وبحسب مقدمات الحكمة في الاطلاق الشمولي، فيكون زيد العالم الفاسق الذي تعارض فيه قوله: أكرم عالما، وقوله: لا تكرم الفاسق، مندرجا تحت العام الأصولي بالدلالة اللفظية، وتحت الاطلاق الشمولي بمقدمات الحكمة التي من جملتها عدم ورود ما يصلح للبيان، والدلالة اللفظية في العام الأصولي تصلح ان تكون بيانا، فيحكم في المثال المتقدم بعدم وجوب اكرام زيد العالم الفاسق، فتأمل. وهذا لا يكون الا من جهة ان لفظ (كل) يدل على استيعاب الافراد. فيكون التخصيص الافرادي مصادر ما لمفاد الأداة واستعمالا لها في خلاف ما وضعت له.
هذا. ولكن الأقوى: ان التخصيص الافرادي أيضا لا يوجب المجازية. اما في القضية الحقيقية: فلان الافراد ليست مشمولة للفظ ابتداء، بحيث يكون مثل أكرم كل عالم بمدلوله اللفظي يدل على اكرام زيد، وعمرو، وبكر، وغير ذلك، والا لما احتجنا في القضية الحقيقية إلى تأليف القياس، واستنتاج حكم الافراد من ضم الكبرى إلى الصغرى.
والحاصل: ان كل فرد في القضية الحقيقية انما يعلم حكمه وبواسطة تأليف القياس وتطبيق الكبرى الكلية عليه، فهذا يدل على أن اللفظ بنفسه ابتداء لا يدل على