الماهية الامكانية المباينة لماهية المحل، فانتساب العرض إلى محله بالنسبة التحققية التي تكون تامة خبرية يكون أول النسب، ثم بعد ذلك تحصل النسبة الناقصة التقييدية التي تكون مفاد المصدر بالبيان المتقدم بداهة انه بعد تحقق الضرب من زيد وصدوره عنه يضاف الضرب إلى زيد، ويقال: ضرب زيد كذا من الشدة و الضعف، فإضافة العرض إلى الذات بالإضافة التقييدية التي تكون مفاد المصدر، تكون متأخرة عن إضافة العرض إلى الذات بالإضافة الفاعلية التحققية، التي تتكفلها هيئة الفعل الماضي.
ومن هنا قيل: ان الأوصاف قبل العلم بها اخبار، كما أن الاخبار بعد العلم بها أوصاف، إذ معنى ذلك هو ان توصيف الذات بالشئ كزيد العالم مثلا يكون متأخرا عن العلم بتحقق الوصف منه الذي يخبر به، كقولك: زيد عالم، فبعد الاخبار بعالمية زيد يتصف زيد بالعالمية عند المخاطب الجاهل واقعا أو المفروض جهالته في مقام الاخبار، فتنقلب النسبة التامة الخبرية من قولك زيد عالم إلى النسبة الناقصة التقييدية من قولك: زيد العالم. هذا في الجمل الاسمية، وقس على ذلك الجمل الفعلية بعد اخبارك بضرب زيد بقولك: ضرب زيد، تنقلب النسبة التامة الخبرية إلى النسبة الناقصة التقييدية، ويقال: ضرب زيد مثلا شديد. فهذا معنى ما نسب إلى الكوفيين، من اشتقاق المصدر من الفعل الماضي، فان مرادهم من الاشتقاق هو ترتب معناه على معناه، لا انه مشتق منه لفظا، هذا.
ولكن شيخنا الأستاذ مد ظله، لم يرتض هذه المقالة، وقال: يتأخر رتبة معنى الفعل الماضي عن معنى المصدر، والتزم بان ما اشتهر: من أن الأوصاف قبل العلم بها اخبار والاخبار بعد العلم بها أوصاف، مقصور على الجمل الاسمية. و السر في ذلك: هو ان المصدر - على ما تقدم - عبارة عن الحدث القابل للانتساب، ولم يؤخذ فيه انتساب فعلى، ومن المعلوم: ان الحدث القابل للانتساب هو الذي يصدر من الفاعل، فالنسبة التحققية التي تكفلها هيئة الماضي متأخرة بالرتبة عن معنى المصدر فتأمل.
وعلى كل حال: فان وقع الاختلاف في اشتقاق المصدر عن الفعل