وسيتضح لك دفع الاشكالين بما سنذكره في الجهة الثالثة التي نذكره فيها مقدمتين لبيان جريان الامر الترتبي في المقام.
(المقدمة الأولى) لا اشكال في أن الامر بالمقدمة انما يكون في رتبة كون المولى بصدد تحصيل مراده من ذي المقدمة وفى مرتبة الوصول إلى غرضه ومطلوبه النفسي، فإنه في هذه المرتبة تنقدح إرادة المقدمة في نفس المولى، لوضوح ان إرادة المقدمة لا تكون الا لمكان الوصول إلى ذيها، فتكون واقعة في رتبة الوصول إلى ذي المقدمة وكون المولى بصدد تحصيله، لا في رتبة اليأس عن ذي المقدمة وعدم الوصول إليه، فان هذه المرتبة ليست مرتبة انقداح إرادة المقدمة في نفس المولى، وذلك واضح.
(المقدمة الثانية) قد تقدم في المقدمة الرابعة من مقدمات الترتب: انه لا يعقل الاطلاق والتقييد لحاظا ونتيجة بالنسبة إلى حالتي فعل الواجب وتركه، وان هذا الانقسام ليس كسائر الانقسامات اللاحقة للمتعلق مما يمكن فيها الاطلاق والتقييد اللحاظي أو نتيجة الاطلاق والتقييد، لاستلزامه طلب الحاصل، أو طلب النقيضين، على ما تقدم تفصيله. ولكن هذا في كل واجب بالنسبة إلى حالتي فعله وتركه.
واما بالنسبة إلى حالتي فعل واجب آخر وتركه، فالاطلاق والتقييد بمكان من الامكان، بل لا محيص عنه إذ لا يعقل الاهمال الثبوتي بالنسبة إلى ذلك، الا ان هذا انما يكون في الواجبين الملحوظين على جهة الاستقلالية والاسمية، كالصوم و الصلاة، حيث لا محيص: اما من اطلاق الامر بالصوم لحالتي فعل الصلاة وتركها، و اما من تقييده بإحدى الحالتين. وكذا الامر بالصلاة.
وأما إذا كان أحد الواجبين ملحوظا على جهة التبعية والحرفية، كالأمر المقدمي فهو في الاطلاق، والاشتراط، والاهمال، تابع للامر بذى المقدمة. وانه كل ما يكون الامر بذى المقدمة مطلقا أو مقيدا بالنسبة إليه، فالامر المقدمي أيضا يكون مطلقا أو مقيدا بالنسبة إلى ذلك الشئ وكل ما يكون الامر بذى المقدمة مهملا بالنسبة إليه، فالامر المقدمي أيضا مهمل بالنسبة إليه. والسر في ذلك واضح، لان