المفوتة، فلابد ح من بيان ما يكون ضابطا للموارد التي يجب تحصيل المقدمات فيها و يحرم تفويتها، ويتوقف ذلك على تحرير كيفية اعتبار القدرة على متعلقات التكاليف بعد ما كان لا اشكال في اعتبارها.
فنقول:
ان القدرة اما ان تكون عقلية، واما ان تكون شرعية، ونعني بالقدرة العقلية: ما إذا لم تؤخذ في لسان الدليل، بل كان اعتبارها لمكان حكم العقل بقبح تكليف العاجز من دون ان يكون الشارع قد اعتبرها، ويقابلها القدرة الشرعية، و هي ما إذا اخذت في لسان الدليل بحيث يكون الشارع قد اعتبرها.
فان كانت القدرة المعتبرة هي القدرة العقلية، فحيث لم يكن للقدرة العقلية دخل في ملاك الحكم وانما يكون لها دخل في حسن الخطاب، فلابد من الاقتصار على المقدار الذي يحكم العقل باعتباره، ومعلوم: ان مناط حكم العقل باعتبار القدرة انما هو قبح تكليف العاجز، وهذا انما يكون إذا كان الشخص عاجزا بنفسه وبذاته، بحيث لا يكون له إلى الفعل سبيل كالطيران في الهواء فان التكليف بمثل هذا قبيح على المولى كما يقبح العقاب منه عليه.
وأما إذا لم يكن الشخص عاجزا بنفسه وبذاته، بل هو عجز نفسه بسوء اختياره وسلب عنه القدرة، ففي مثل هذا لا يحكم العقل بقبح عقابه وان قبح تكليفه بعد عجزه، ولا ملازمة بين قبح التكليف وقبح العقاب، فان قبح التكليف لمن عجز نفسه انما هو لمكان لغوية التكليف حيث لا يصلح ان يكون التكليف محركا وباعثا نحو الفعل، وهذا بخلاف العقاب فإنه لا يقبح عقابه بعد ما كان الامتناع بسوء اختياره. وهذا معنى ما يقال: ان الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار، فإنه انما لا ينافيه عقابا لا خطابا خلافا للمحكى عن أبي هاشم حيث قال:
انه لا ينافيه لا خطابا ولا عقابا، وسيأتي ضعفه في بعض المباحث الآتية انشاء الله تعالى.
إذا عرفت ذلك فنقول: ان كل واجب لم يعتبر فيه القدرة شرعا، كان مقتضى القاعدة لزوم