(المقام الأول) في المقدمة السابقة في الوجود على ذيها. والكلام فيها يقع من جهات:
الجهة الأولى:
قد تقدم ان المقدمة المحرمة ذاتا بحسب حكمها الأولى لا تسقط حرمتها بمجرد كونها مقدمة لواجب، بل إن كان وجوب ذي المقدمة أهم من حرمة المقدمة، ففي مثل هذا تسقط حرمتها وتجب بالوجوب المقدمي. وان لم تكن أهم فحرمة المقدمة باقية على حالها، ولا تصل النوبة إلى التخيير في صورة التساوي. وقد تقدم أيضا ان ذلك من ثمرات كون التخيير في الواجبين المتزاحمين المتساويين عقليا أو شرعيا، وانه بناء على المختار: من كون التخيير عقليا، لا يتحقق التخيير بين المقدمة وذيها، بل إن كان ذو المقدمة أهم كان بأهميته موجبا للتعجيز عن المقدمة وسلب القدرة عنها فتجب. وان لم تكن أهم فلا معجز مولوي يوجب سقوط الحرمة عن المقدمة، بل يكون حرمتها الحالية معجزا عن وجوب ذيها، فلا يجب وتبقى الحرمة على حالها. و لا يختص هذا بالمقدمة السابقة في الوجود على ذيها، بل يجرى في المقدمة المقارنة أيضا، لوضوح ان التصرف في ماء الغير انما يجب إذا توقف عليه واجب أهم: من انقاذ نفس محترمة أو تلف مال كثير. وأما إذا لم يكن الواجب أهم، فحرمة التصرف تبقى على حالها، إذ ليس له معجز مولوي عن ذلك، فتأمل.
هذا إذا كانت المقدمة محرمة ذاتا، وأما إذا كانت مباحة أو مستحبة أو مكروهة، فلا اشكال في سقوط كل من هذه الأحكام عند كونها مقدمة لواجب، لان الوجوب لا يمكن ان يزاحمه الإباحة والاستحباب والكراهة.
الجهة الثانية:
قد تقدم في مبحث مقدمة الواجب: ان الذوق والاعتبار يأبى عن وقوع المقدمة المحرمة الذاتية على صفة الوجوب والمطلوبية الغيرية مطلقا ولو لم يقصد بها فعل ذي المقدمة ولا ترتب عليها ذلك، لوضوح انه لا يمكن الالتزام بكون التصرف في ارض الغير واجبا لمجرد انه توقف انقاذ الغريق عليه، مع أن الشخص لم يتصرف لأجل ذلك، بل قصد في تصرفه النزهة والعدوان والتفرج. فان دعوى كون